الجوانب المشتركة بين التربية الايجابية والتربية المبنية على القيم الاسلامية
في التربية الإيجابية، يتم التركيز على احترام الطفل ككائن مستقل، وإعطائه فرصة للتعبير عن نفسه.
في التربية الإسلامية، الطفل يُعتبر هبه من الله، ويتم التعامل معه برفق ورحمة.
لأن النبي صلى الله عليه وسلم كان دائمًا يُظهر الرحمة تجاه الأطفال، ويحث على التعامل معهم بلين، كما في حديثه: "ليس منا من لم يرحمْ صغيرَنا ، ويُوَقِّرْ كبيرَنا" (صحيح جامع).
إذًا، في الجانبين، يُعطى الطفل قيمتة كإنسان ذو حقوق، وهذا يعكس احترامًا لحقوق الطفل من منظور إسلامي.
في التربية الإيجابية، يتم تشجيع الحوار بين الوالدين والطفل حول الأمور التي تخصه، وهي الطريقة نفسها التي يُشجع بها الإسلام على الحوار مع الأبناء وتوجيههم. يمكننا رؤية ذلك في قصة النبي صلى الله عليه وسلم مع الصحابي عبدالله بن عباس، حينما قال له: "يا غلام، إني أُعلِّمك كلمات، احفظ الله يحفظك" (رواه الترمذي).
هذه الصورة توضح كيفية دمج التوجيه والإرشاد مع مراعاة مشاعر الطفل.
في التربية الإيجابية، يُشجع الطفل على أن يكون له رأي مستقل، مما يساعده في بناء الثقة بالنفس.
في التربية الإسلامية، يُشجع الطفل أيضًا على اتخاذ قراراته، ولكن ضمن إطار من القيم والتوجيه الديني.
بدليل أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يطلب من الأطفال إبداء آرائهم في الأمور التي تخصهم ويشاركهم في اتخاذ القرارات، ولكن في نفس الوقت كان يوضح لهم أهمية اتباع الهدي النبوي.
الاختلاف بين التربية الايجابية وقيم التربية الاسلامية
التربية الإيجابية قد تمنح الطفل حرية كبيرة في اتخاذ قراراته، مما قد يتسبب في فقدان الطفل احترامه لسلطة الوالدين أو السلطة الدينية، إذا لم يتم تحديد حدود واضحة.
وفى الإسلام يولي أهمية كبيرة للسلطة الوالدية، ويُشجع على طاعة الوالدين والتمسك بالقيم الإسلامية. وهذا يتطلب من الوالدين أن يكونوا قدوة حسنة وأن يضعوا حدودًا واضحة للطفل.
التربية الإيجابية التي ترفض العقاب القاسي أو التأديب العنيف، في الإسلام، العقاب موجود لكنه يجب أن يكون معتدلًا وموجهًا نحو الإصلاح، وليس لإيذاء الطفل. العقاب في الإسلام له غايات تربوية محددة تهدف إلى تهذيب سلوك الطفل، لكن يجب أن يكون بالرحمة والعدل. عندما تتبنى التربية الإيجابية أسلوبًا خاليًا من العقاب، قد يُحرم الطفل من تعلم التمييز بين الصح والغلط.
في التربية الإيجابية، يتم تقديم الطفل كفرد له حقوق، وهذا قد يُترجم في بعض الأحيان إلى تجاوز الحدود الدينية التي يفرضها الإسلام في السلوك.
في التربية الإسلامية، هناك توجه قوي نحو ضرورة تربية الطفل على القيم الدينية، مثل الالتزام بالعبادات، وطاعة الوالدين، وحسن المعاملة. إذا تم تجاهل هذه الحدود في التربية الإيجابية، قد يؤدي ذلك إلى غياب الإحساس بالمسؤولية الدينية.
كيف يمكن الجمع بين التربية الايجابية والتربية الاسلامية
دمج أسلوب التربية الإيجابية مع القيم الإسلامية من خلال منح الطفل حرية التعبير واتخاذ القرارات في إطار من التوجيه الديني. على سبيل المثال، يمكن للأطفال أن يُشجعوا على إبداء آرائهم واتخاذ قراراتهم، لكن ضمن إطار القيم الإسلامية التي تحترم حقوق الآخرين وتدعو للطاعة لله وللعبادات.
استخدام العقاب بأسلوب متوازنفنلاحظ أن في التربية الإسلامية، العقاب ليس غاية بحد ذاته بل وسيلة لإصلاح سلوك الطفل، ويمكن أن يُدمج مع أسلوب التربية الإيجابية بشكل يتجنب التعسف والقسوة. عندما يكون العقاب جزءًا من نظام التربية، فإنه يجب أن يكون عادلاً ومناسبًا للطفل وهادئًا، ويتأكد الوالدان من أن العقاب لا يُستخدم بشكل مفرط أو مؤذي.
الاستفادة من جوانب التربية الإيجابية التي تركز على التواصل من خلال تعزيز الحوار بين الوالدين والطفل، يمكن تكييف التربية الإيجابية لتكون وسيلة لتوضيح القيم الدينية. على سبيل المثال، بدلاً من فرض القيم الدينية بشكل صارم، يمكن للوالدين أن يشرحوا للطفل القيم الإسلامية بطريقة تجعلها مفهومة ومتفق عليها، مع مراعاة سن الطفل ومستوى تفكيره.
تعليم الحدود بشكل مرن ففي التربية الإسلامية، يمكن تعليم الطفل الحدود التي يجب أن لا يتجاوزها بطريقة تحترم رأيه ولكن في نفس الوقت تشدد على ضرورة الالتزام بالقيم الدينية. يمكن تحديد هذه الحدود من خلال التفاهم والاتفاق مع الطفل.
التربية الإيجابية في الأساس لا تتعارض مع القيم الإسلامية، بل يمكن تكييفها بحيث تُصبح أكثر توافقًا مع تعليمات ديننا. الفكرة الرئيسية هي استخدام أسلوب مرن ومتوازن بحيث يتم تعليم الطفل الالتزام بالقيم الدينية بينما يتم الحفاظ على احترامه ككائن مستقل له حقوقه.
إرسال تعليق
يمكنك كتابة تعليق هنا 💚